متحف دمشق الوطني هو رائد المتاحف السورية وأحد أهم المتاحف العربية حيث يعتبرباقسامه العديدة والمختلفة وحدائقه الواسعة عدة متاحف ضمن متحف واحد. يضم المتحف الوطني أهم وأشهر القطع الأثرية السورية التي تم اكتشافها في القرن العشرين. لذلك ، سواء في الشرق الأوسط أو على نطاق عالمي ، يعتبر الباحثون وعلماء الآثار هذا المتحف بمثابة وثيقة مهمة ومرجع تاريخي وثقافي
يقع المتحف الوطني بدمشق على الضفة اليمنى لنهر بردى خلفه جامعة دمشق وعلى جانبيه التكية السليمانية وجسر الرئيس، تطل بوابته على شارع قصر الحير الشرقي.
لم يكن لدى سوريا أي متحف رسمي على أرضها حتى نهاية الحرب العالمية الأولى، ولكن منذ ذلك الحين، تم إنشاء مركز إداري ثقافي يسمى ديوان المعارف في مبنى مدرسة العادلية داخل سور دمشق القديمة، تمثلت إحدى مهامه في الحفاظ على التراث الأثري، خصص الديوان احدى قاعات المدرسة لشعبة الاثار لإنشاء متحف فيها، بداية كان يضم المتحف قطع تراثية واثرية معظمها من تبرعات عائلات دمشق، وشكلت هذه المجموعات جوهر أول متحف في سوريا عام 1920، لاحقاً زادت الاكتشافات الأثرية خصوصاً في عهد الانتداب الفرنسي. فازداد الاهتمام بالآثار وبفكرة إنشاء متحف وطني يجمع القطع الأثرية السورية
حتى افتتحت نواة المتحف الوطني بدمشق عام 1936 في موقعه الحالي، بعد الحصول على الأرض من وزارة الاوقاف، صمم نواة المتحف المهندس الفرنسي ايكوشار الذي كان من أشهر المهندسين العاملين في توثيق آثار سورية في تلك الفترة.
ضم التصميم الاساسي البوابة العظيمة المنقولة من قصر الحير في البادية السورية وخلفها بهو كبير وأربع قاعات وبعض المكاتب الادارية ثم لاحقاً تمت اضاقة الأقسام الاخرى في الجهة الغربية وتوسعة الأقسام الأساسية، واستمر حجم المبنى في التوسع حتى تبنى شكله الحالي.
يتألف المتحف حاليًا من خمسة أقسام رئيسية:
قسم آثار ما قبل التاريخ، قسم الآثار السورية، قسم الآثار الكلاسيكية، قسم الآثار الإسلامية، قسم الفن الحديث، بالإضافة إلى حديقة غناء مليئة بالعناصر الأقل تأثرًا بالعوامل الجوية مثل المنحوتات الحجرية ولوحات الفسيفساء، حيث تعد الحديقة متحفًا في الهواء الطلق.
يعنى قسم عصور ما قبل التاريخ الفترة التي سبقت اختراع الكتابة وبما أن سوريا بها العديد من المواقع من عصور ما قبل التاريخ مثل تل أسود، تل حالولة، الديدرية والجرف الأحمر …، يحتوي هذا المتحف على العديد من اللقى والقطع من الحجر والعظم والفخار، بما في ذلك المجوهرات والتماثيل والأواني من فترات ما قبل التاريخ المختلفة من العصر الحجري القديم إلى العصر النحاسي.
يعنى قسم الاثار السورية القديمة بالآثار التي تعود إلى الفترة التي تلت اختراع الكتابة، وتضم سوريا العديد من الأماكن الغنية للغاية من الفترات التاريخية، ولهذا فقد خُصِّص لكل مجموعة قاعة عرض، ومجموعها سبع قاعات؛ قاعتان لمكتشفات أوغاريت، واثنتان لمكتشفات ماري، وقاعةٌ لمكتشفات إبيلا، وواحدة لمكتشفات مواقع سورية الساحلية، وأُخرى لمكتشفات مواقع سورية الداخلية.
يعنى قسم الآثار الكلاسيكية بفترة الحكم اليوناني والروماني والبيزنطي لسوريا، وقد بدأ في عام 333 بعد قبل الميلاد عندما غزا الإسكندر المقدوني الشرق، ولدى سوريا العديد من المواقع والمدن الغنية جدًا التي تعود إلى الفترة الكلاسيكية. مثل تدمر، شهبا، المدن الميتة، أفاميا، وتشمل المعروضات في هذا القسم روائع المنحوتات الحجرية والمنسوجات والعملات المعدنية والأسلحة والمجوهرات والآثار والمقابر وشظايا الزجاج والفخار والفسيفساء.
يعنى قسم الآثار الإسلامية بفترة الفتح العربي الإسلامي لسورية في القرن السابع الميلادي، ويوجد في سورية العديد من المواقع والمباني التابعة لهذه الفترة، بالإضافة إلى معرضين فنيين والعديد من القاعات المليئة بالقطع الفنية الفريدة، يحوي هذا الجزء على قاعة الرقة وقاعة حماة، بالإضافة إلى الواجهة المعاد بناؤها لقصر الحير الغربي في المتحف والقاعة الشامية المخصصة للمحاضرات والاستقبالات الرسمية، والتي كانت موجودة في منزل رئيس وزراء سوريا الراحل، جميل مردم بك، وتبرع بها للمتحف الوطني عام 1958.
يعنى قسم الفن الحديث الحفاظ على أمهات الاعمال الفنية المعاصرة، يتألف هذا الجزء من ست قاعات تضم أعمال فنانين سوريين ومن أهمها اعمال لؤي كيالي وأدهم إسماعيل وإلياس الزيات وغيرهم، كما يضم هذا الجزء أعمالاً تعود إلى 200 عام. تشمل العملات ما قبل الحديثة أيضًا الميداليات والطوابع والتحف.
يضم المتحف الوطني بدمشق العديد من القطع الاثرية ذات الأهمية العالمية والتي لا تقدر بثمن، بما في ذلك أبجدية أوغاريت، الأبجدية الأولى في التاريخ، وتمثال المغني أورنينا، راس الأمير العاجي، تمثال اسبازيا، هيكل طفل نياندريتال، ناووس الرستن الرخامي، التماثيل الجنائزية التدمرية، وكذلك الخزف الإسلامي النادر وقطع الزجاج، والمخطوطات
الميزة الفريدة لمتحف دمشق الوطني هو إعادة بناء بعض العناصر الهامة من المباني الأثرية السورية داخل المتحف نفسه، بما في ذلك واجهة قصر الحير الغربي، حيث يفاجأ الزائر عندما تبدأ زيارته للمتحف أمام بوابة القصر الأموي المذهلة الذي يعود تاريخها إلى الخليفة هشام بن عبد الملك 727 م. في هذه الواجهة نجد ما يمكن أن نسميه جماليات العمارة العربية الإسلامية وهندسته الرائعة. ايضاً أعيد بناء مدفن تدمري مليء بالتماثيل النصفية الذي يعود لأسرة يرحاي التدمرية ويعطي فكرة عن طقوس الدفن لدى التدمريين. ليس ببعيد عنها يمكننا مشاهدة الكنيس اليهودي المعاد بنائه في قسم الاثار الكلاسيكية، جدران هذا الكنيس الرائع مزينة باللوحات والرسومات التي يعود تاريخها إلى عام 246 م. ثم هناك القاعة الشامية التي تم نقلها من حي الحريقة بدمشق من بيت مردم بك وأعيد بناؤها في المتحف، وتعود هذه القاعة إلى القرن الثامن عشر الميلادي، وأخيراً يوجد أحد مداخل مسجد يلغبا الذي كان في ساحة المرجة، وأعيد بناء هذا المدخل في المتحف.