تدخل التكنولوجيا في تغيير أغلب جوانب حياتنا تقريبًا كما أنها استطاعت أن تغير طريقة فهمنا وربطنا بماضينا وتراثنا.
ستطاع مات إنشاء إعادة بناء مذهلة لأولئك الذين ماتوا منذ آلاف السنين
في مبادرة جديدة تحمل عنوان”ماضي ملون” وتستخدم تقنية التعرف على الوجه لإعادة بناء وجوه ناس من التاريخ وقد استطاعت هذه التقنية إعادة بناء وجه واحد من أعظم الفراعنة، وهو “سيتي الأول” فرعون من الأسرة التاسعة عشر، ابن رمسيس الأول والملكة سات رع ووالد رمسيس الثاني، الذي لعب دورًا مهمًا في قصة موسى.
تلوين الصور التاريخية
يعيش “مات لوفري” صاحب مبادرة ماضي ملون في أيرلندا ومعرف عنه بأنه كان مفتونًا بالتكنولوجيا طوال حياته، وسبق له أن شارك في تلوين الصور القديمة ولفت عمله انتباه ناشيونال جيوغرافيك وآخرين، حيث قاده عمله إلى إنشاء مبادرة “ماضي ملون” الذي لوّن الصور التاريخية من خلالها ، ولكنه لم يكتفي بل شعر بأنه من الممكن أن يفعل المزيد ويجعل الصور القديمة أكثر واقعية.
في مقابلة حصرية أجرتها مؤسسة ” -Ancient Originsأصول قديمة” مع مات قال فيها “رأيت مجالًا لتغيير النهج وقررت التركيز على إنشاء طرق أكثر دقة لتحسين النتائج”.
استغرق الأمر خمس سنوات من العمل الشاق لتطوير التكنولوجيا، لكنه تمكن في النهاية من تلوين الصور القديمة بشكل واقعي وتحسينها، مما أعاد الحياة إلى شخصيات من القرن التاسع عشر، مثل “جيسي جيمس” ومع ذلك، فقد شعر بأنه يستطيع فعل المزيد بالصور، علاوة على ذلك، فقد كان على دراية بالتغيرات السريعة في التكنولوجيا وأراد استخدامها من أجل ترقية الصور.
وأضاف مات قائلاً: “فيما يتعلق بإنتاج الأفلام الوثائقية والمعارض، فإن ما يبدو جيدًا في التعريف القياسي لم يعد يبدو جيدًا في 1080 على شاشة 55 بوصة، ويبدو في غير محله عند مشاهدته بدقة 4K”
ووفقًا لموقع ماضي ملون، فأن حلول مات يمكنها التغلب على هذه المشكلات والتأكد من أن التنسيقات الرقمية المتغيرة باستمرار لا تؤدي إلى “تقادم الصورة”.
الذكاء الاصطناعي لإعادة بناء الوجوه القديمة
قال مات لمؤسسة Ancient Origins- أصول قديمة : “كنت مقتنعًا بوجود طريقة للسفر إلى الوراء بعيدًا عن التصوير الفوتوغرافي خاصة و أن من نعمل على ترميم صورهم كانوا في الأساس أشخاصًا عاشوا وماتوا قبل اختراع التصوير لذلك طورت برنامج في إطار الذكاء الاصطناعي وكنت قادرًا على التلوين والاستعادة”
استطاع مات إنشاء إعادة بناء مذهلة لأولئك الذين ماتوا منذ آلاف السنين وكانت أولى خطواته في هذه المبادرة إعادة بناء لوجه الملك هنري السابع مؤسس سلالة تيودور.
وأضاف مات قائلاً أن “الغالبية منا لديهم انفصال هائل عن التاريخ الحديث والقديم، على الرغم من أننا مفتونون به ، فقد اعتدنا بشكل غير مباشر على الصور المتكررة والمتعبة”.
لذلك يمكن لحلوله إنشاء صور جديدة واقعية تساعد الناس على التواصل مع الماضي هذا لأن الخدمة ، وفقًا لموقع ماضي ملون، هي “سد الفجوة بين التاريخ والفن”.
مومياوات الفراعنة المصريين
بسبب نجاح ترميم صورة الملك هنري السابع وماري ملكة اسكتلندا وآخرين، أخبر مات “الأصول القديمة” أنه “يشعر بالثقة في اقتفاء أثره مرة أخرى والتركيز على المومياوات الملكية”.
كان قادرًا مات على استخدام صور مومياوات الفراعنة غير المغلفة وأعادت مبادرة ماضي الملون مؤخرًا إنشاء وجه الفرعون سيتي الأول الذي مات منذ 3000 عام ، على الرغم من التحديات التقنية.
ساعدت التكنولوجيا في إعادة إنشاء وجه سيتي الأول ، الذي حكم مصر (حوالي 1294-1270 قبل الميلاد). كان ثاني ملوك الأسرة التاسعة عشرة وأحد أهم حكام مصر، وكان سيتي بانيًا عظيمًا ولا يزال من الممكن رؤية العديد من آثار أعماله، مثل معبد أبيدوس المدمر، كان أيضًا جنرالا عظيما وقام هو وجيوشه بحملات مكثفة في غرب آسيا حتى أنه غزا أجزاء مما يعرف الآن بشمال سوريا.
الفرعون سيتي الأول و النبي موسى
يعتبر عهد سيتي الأول عصرًا ذهبيًا للفن والثقافة في مصر ومع ذلك كان هذا الفرعون قاسيًا للغاية، ووفقًا لكتابه المقدس آنذاك، هناك نبوءة تقول أن شخصًا ما سيولد ويتولى عرشه، وهذا ما دفعه إلى إصدار أمر بقتل جميع الأطفال الذكور. أدى ذلك إلى قيام أم النبي موسى بوضعه في سلة ورميه في نهر النيل ليعثر عليه فيما بعد وتتبناه أميرة مصرية وتأخذه طفلاً لها ليعيش في قصر الفرعون.
ودُفن سيتي الأول في وادي الملوك واكتشف قبره في عام 1817 وأصبح العديد من نسله حكامًا لأراضي مصر.
الجدير بالذكر أن مات يتعاون حاليًا مع متحف Vesting في هولندا لتحضير معرض جديد عن المحاربين مع نابليون حيث يمكن استخدام إعادة بناء الوجه لأغراض تعليمية أو كجزء من عرض عام.