السلطات المصرية تباشر بهدم منشآت معمارية في منطقة جبانة المماليك التاريخية

AFP / Khaled DESOUKI

استيقظ سكان مدينة القاهرة في 20 من شهر تموز 2020 على خبر قيام الجرافات بهدم أجزاء من المنطقة التاريخية المسماة ” الصحراء المملوكية” التي تعود الى الفترة السلطنة المملوكية. والتي تتواجد في منطقة الفردوس شرق مدينة القاهرة. هذا الى جانب هدم مقابر لشخصيات مصرية تاريخية. وذلك بحجة انشاء “محور الفردوس” وتوسيع طرق المنطقة.

تقع هذه البقعة التاريخية شرقي مدينة القاهرة ضمن منطقة “القاهرة التاريخية”، التي تنتمي إلى مجموعة الأماكن المسجلة والتي حددتها منظمة اليونسكو وسجلت عام ١٩٧٩ كمنطقة تاريخية يتوجب للحفاظ عليها.

تعد منطقة صحراء المماليك واحدة من أكتر المناطق المتفردة بالنسيج العمراني المتميز والمتمثل بروعة وعظمة فن العمارة في فترة السلطنة المملوكية التي حكمت مصر والشام بين سنة 1250م إلى 1517م. اضافة الى وجود مقابر لشخصيات معروفة كرئيس الوزراء السابق حسن صبري، الذي يحمل أحد شوارع القاهرة اسمه، وقبر نازلي حليم حفيدة محمد علي باشا مؤسس مصر الحديثة، وغيرهم الكثير.

تضم هذه المنطقة على العديد من الكتل المعمارية المتميزة أهمها:

 مجموعة السلطان الأشرف إينال وكان يطلق عليه لقب (السلطان الجاهل) لأنه لم يكن يعرف القراءة والكتابة وحكم مصر من عام 1453 م عام 1461 م، وقد دفن هو وابنه أحمد، الذي تولى السلطنة من بعده، في القبة الضريحية.

وتتواجد أيضا مجموعة السلطان الملك الأشرف أبو النصر قايتباي والتي أنشأت بين عامي 1472 – 1474م. وأهمها المسجد والخانقاه لإقامة الصوفية ومدرسة لتلقي علوم الدين وحفظ القرآن.

ومن ضمن أبنية المنطقة أيضا مسجد وخانقاه السلطان الأشرف بارسباي الذي بني في عهده سنة 1424م ودفن فيها. الى جانب قبة جاني بك الأشرفي التي أنشأت على يد الأمير الذي يحمل اسمها وهو أحد مماليك السلطان الأشرف بارسباي.

ومجموعة قرقماس التي أنشأها الأمير قرقماس أحد مماليك الأشرف قايتباي وتتألف من مسجد، ومدرسة، ونافورة مياه.

 وأيضا هناك مدافن وخانقاه السلطان الملك الناصر أبو العادات فرج بن برقوق وأفراد أسرته، تعود للفترة من عام 1400 م وحتى 1411 م تمتاز بازدواجية العناصر بمعنى أنها لها مدخلين وقبتين ضريحيين ومأذنتين.

AFP / Khaled DESOUKI

الا أن وزارة السياحة والآثار المصرية سارعت الى نفي هذا الخبر، مؤكدة انه الكتل المعمارية التي تعود للفترة المملوكية لم يتم مسها، وانما تم هدم جزء من السور المحيط بها. اضافة الى هدم مقابر حديثة العهد، ذات ملكية خاصة، والتي تم التفاهم مع أصحابها. وقد أكدت السلطات أن الشارع المراد توسعته لن يؤثر على المقابر التاريخية.

لكن الدكتورة في جامعة القاهرة، سهير زكي حواس، كان لها رأي آخر وقد أكدت على صفحتها الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك ردا على بيان وزارة الآثار بقولها ” هذه المنطقة بالمقابر تدخل في نطاق القاهرة التاريخية المعتبرة تراثا عالميا طبقا لمنظمة اليونسكو ومسجلة منطقة حماية طبقا للقانون رقم ١١٩ لسنة ٢٠٠٨ والعديد من المقابر والاحواش خاصة المرتبطة بشخصيات تاريخية او ذات الطراز المعماري المتميز مسجلة تراثا طبقا للقانون رقم ١٤٤ لسنة ٢٠٠٦ “. وأشارت الدكتورة أنه كان قد طرح مشروع المحور منذ عدة سنوات، وتم إيقافه من قبل الجهاز القومي للتنسيق الحضاري الذي كانت تمثله في اجتماعات مناقشة المشروع.

ومن جهة أخرى، أكد الدكتور أسامة طلعت رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية، في وقت لاحق بأن هذا الكلام عار تماما عن الصحة وان محور الفردوس بعيد عن الآثار الإسلامية المسجلة. وأضاف انه ” على الرغم من أن هذه المقابر غير مسجلة كآثار. ومع هذا فإن الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار وجه بتشكيل لجنة علمية فنية لمعاينة الشواهد والأحجار التي تشتمل على نقوش زخرفية أو كتابية ليتم دراستها وبحث إمكانية عرض جزء منها ببعض المتاحف كجزء من تراث مصر المتميز”

 وهذا ما اعتبرته الدكتورة حواس انه كلام متناقض. ولأن سؤالا مهما يطرح نفسه هنا، ألم يتم تشكيل لجنة مختصة للقيام بمثل هذه الدراسات قبل القيام بعملية الهدم؟

هذا وقد تصاعدت النداءات والبيانات، من قبل المختصين، المنددة لهذا العمل. حيث أطلقت الدكتورة جليلة القاضي أستاذة التخطيط العمراني في جامعات فرنسا حملة توقيعات لرفض للأعمال الجارية في مسار محور الفردوس.

وقالت في بيان لها وقع من قبل العديد من أن الموقعون عليه عبروا عن صدمتهم في مواجهة عمليات التجديد العمراني التي تتم في النطاق الشمالي في مقابر المماليك الأثرية. كما طالبوا بوقف عمليات الهدم، والتفكير في بديل يحافظ على ما تبقي من الذاكرةً الثرية لهذا المكان.

خالد حياتله، عالم آثار فلسطيني - سوري، كان قبل النزاع في سوريا مرتبطاً بالمديرية العامة للآثار والمتاحف في دمشق. الان مع معهد الآثار الرقمية في أكسفورد، يستكشف ويقود إمكانات التقنيات الجديدة لإصلاح وإعادة بناء المعالم والمواقع الأثرية المدمرة في سورية. حصل على شهادته في علم الآثار من جامعة BYU في الولايات المتحدة الأمريكية ومن جامعة دمشق.

شاهد أيضاً

مافيات عالمية تعمل على سرقة ثروات مصر الأثرية

تحدث بسام الشماع عالم المصريا، إن هناك "مافيا عالمية" لسرقة الآثار المصرية القديمة