قال الدكتور حسين عبد البصير، الباحث الأثري ومدير متحف آثار متحف مكتبة الإسكندرية، إن مصر القديمة عرفت صناعة البوظة منذ العصر الحجري الحديث، واستمرت طوال العصور المصرية القديمة، وكانت مصدرًا مهمًا للسكريات والنشويات والأحماض الدهنية المهمة والأحماض الأمينية والفيتامينات والمعادن.
وحول كيفية صناعة البوظة، أوضح الدكتور حسين عبد البصير، أنها عرفت باسم “حنقت” منذ الأسرة الخامسة، وكانت تصنع من عناصر مختلفة مثل الشعير، والحنطة، والبلح، وأحيانًا من القمح، وكانت تدق الحبوب في أهوان بمطارق خشبية، ثم كانت تبلل بالماء، ثم كانت تعجن وتشكل على هيئة أرغفة خبز، وكانت تخبز جزئيًا، ثم كان يتم تقطيع تلك الأرغفة، قبل نخلها في إناء كبير، وعجنها مرة أخرى، ثم كان يضاف إليها الماء، أو الماء السكري الناتج من البلح المنقوع، ثم كان يترك العجين ليختمر، ثم كانت تصفى العجينة المختمرة، وبعد ذلك، كان يتم تعبئة الناتج في أوانٍ فخارية.
وأضاف الدكتور حسين عبد البصير: لعل من بين أهم المواقع التي عثروا فيها على بقايا أواني البوظة هي أبيدوس في سوهاج، وهيراكونبوليس في أسوان، وكانت هناك أنواع عديدة، وليس من المبالغة القول إن البوظة كانت ذات أهمية كبيرة في المجتمع المصري القديم، فقد كانت تستخدم كشراب مشبع، أقرب للطعام، وكقرابين مقدمة للآلهة، وضمن قرابين الموتى، وفى بعض العلاجات الطبية، وعلى الرغم من أنها كانت المشروب الأساسي للفقراء، كانت أيضًا أساسية في النظام الغذائي للأثرياء، وذكرت فى صيغة القرابين التقليدية، لأن المصري القديم اهتم بالحصول عليها في العالم الآخر؛ فنقشها ضمن القرابين المنقوشة على جدران مقبرته.