حسم كتاب بعنوان “ألغاز تاريخية محيرة” الجدل المثار حول هيكل “ستونهنج” الحجري وتاريخه المثير للجدل، حيث أثبت بما لا يجعل مجالا للشك أن أهرامات الجيزة أقدم من البناء الحجري الشهير بإنجلترا، وذلك بعدما زعم أنه واحد من أكبر وأقدم الدوائر الحجرية في بريطانيا، والتي يعتقد أنه أحد اللبنات الأصلية في التاريخ وإنها أقدم من أهرامات الجيزة.
ويزعم العديد من الباحثين أن هيكل “ستونهنج” الحجري واحد من أقدم الأبنية الحجرية في العالم بل أنه أقدم من أهرامات الجيزة أيضا، لكن هل حقا هذا الاعتقاد صحيح؟!، الأهرام حسب إحدى الفرضيات هي مقابر ملكية كل منها يحمل اسم الملك الذي بناه، والبناء الهرمي هنا هو مرحلة من مراحل تطور عمارة المقابر في مصر القديمة قبل حوالي 25 قرنا قبل الميلاد، ما بين 2480 و2550 ق.م، ويعتقد أن الفرعون خوفو بدأ أول مشروع في أهرامات الجيزة حوالي 2550 قبل الميلاد، وهو الهرم الأكبر في الجيزة.
وبحسب كتاب “ألغاز تاريخية محيرة: بحث مثير في أكثر الأحداث غموضا على مر الزمن” تأليف بول أرون، وترجمة شيماء طه الريدي، الصادر في نسخته العربية عام 2015، فأنه على الرغم من أن التأريخ بالكربون المشع لم يكن اخترع حتى القرن العشرين، فقد أشارت طرق التأريخ الأكثر بساطة لعلماء الآثار الأوائل إلى أن “ستونهنج” ربما يكون قد شيد قبل عام 1500 ق.م، كذلك أدرك معظم الباحثين أن كهنة الدرويد لم يصلوا قبل عام 500 قبل الميلاد، بينما وصل الرومان بعد ذلك التاريخ، وكان هذا يعنى “ستونهنج” قد شيد قبل أكثر من ألف عام من وصول كليهما.
وأوضح الكتاب أن اكتشاف عثر عليه بمحض المصادفة أحد علماء الآثار عام 1953 أشار إلى حل لهذا السؤال، في العاشر من يوليو، وكجزء من دراسته المسحية للموقع، كان ريتشارد أتكينسون يعد لالتقاط صور فوتوغرافية لبعض رسوم الجرافيتي التي تعود إلى القرن السابع عشر، على حجر يقع بجوار ما يعرف بالتريليثون العظيم، وانتظر حتى نهاية ما بعد الظهيرة، على أمل ظهور تباين أكثر حدة للضوء والظل، وبينما كان ينظر عبر الكاميرا، لاحظ أتكينسون وجود نقوش أخرى أسفل النقش الذي يعود للقرن السابع عشر كان أحدها عبارة عن خنجر يتجه إلى الأرض، وبالقرب منه أربع فئوس من نوع كان يوجد في إنجلترا في نفس توقيت تشييد ستونهنج تقريبا.
وكان الخنجر الوحيد، وليست الفئوس، هو أكثر ما أثار أتكينسون، إذ لم يعثر على شيء كهذا في إنجلترا، أو في أي مكان فى شمال أوروبا، وكان الأثر الأقرب له هو ذلك الذي جاء من المقابر الملكية لقلعة مسينا باليونان، وهنا أخيرا ظهرت الصلة بحضارة أكثر تقدما، حضارة كان من المتوقع لها بشكل منطقي أن تكون قد بنت شيئا مثل “ستونهنج” والأفضل من ذلك أن الخناجر التي عثر عليها في مسينا عاد تاريخها إلى قرابة عام 1500 قبل الميلاد، وهو نفس توقيت تشييد ستونهنج تقريبا، وفقا لمعظم خبراء خمسينيات القرن العشرين، وعلى عكس الرومان أو كهنة الدرويد، كان للصلة المسينية منطق زمني مقنع.
وبهذا التقدير الأخير، يكون بناء التجاويف والخندق الخارجي لدائرة ستونهنج قد بدأ في قرابة عام 2950 قبل الميلاد، وأضيفت بعض المبانى الخشبية داخل الدائرة بين عامي 2900 و2400 قبل الميلاد، لتستبدل بعد ذلك بالبناء الحجري المعروف في وقت ما بعد ذلك بفترة قصيرة.
وبالفرضية التي وصل إليها الكتاب فأن في جميع الأحوال أهرامات الجيزة أقدم من الهيكل الحجري الإنجليزي الشهير، ولكنه لا ينفى أنه أحد أقدم الهياكل الحجرية في التاريخ البشرى.
المصدر : صحيفة “ديلي إكسبريس” البريطانية