التراث الحضاري والإنساني دائما ما يكون أولى ضحايا الحروب والانفلات الأمني، ويكون عرضه للدمار والسرقة، وتراث العراق كان أحد تلك الآثار التي تعرضت للنهب خلال العقدين الآخرين، بعد الغزو الأمريكي للعراق، أو بعد سيطرة تنظيم “داعش” الإرهابي على مناطق من البلاد، قبل تحريرها على يد الجيش الوطني هناك.
آثار العراق التي تعود إلى آلاف السنين، وتمثل حضارة من أقدم حضارات التاريخ، إن لم تكن أقدمها مع الحضارة المصرية بحسب بعض المراجع، الآن أصبحت متاحة عبر الانترنت، بعدما هربت بطرق غير شرعية، ووصلت إلى يد اللصوص، حسبما ذكر موقع “سويس أنفو”.
ووفقا لما نقلته الوكالات الأجنبية، فإن قطعة أثرية سومرية، يعود تاريخها لأكثر من ثلاثة آلاف عام، وهى عبارة عن لوح طيني سومري، وجد مهرب في بريطانيا، ووصل لبيوت المقتنين ببساطة، بعد عرضت بمئات الدولارات على موقع “لايف أوكشنيرز” لتعزز تهريب وتجارة الآثار العراقية المزدهرة أصلاً بفعل نقص حماية المواقع الأثرية والفساد.
ووفقا المدير في “تايمتيبل أوكشنز” حيث تعرض القطعة في مزاد علني بدءاً من 600 دولار تقريبا على أنها “ملكية سيد من ويست ساسيكس في المملكة المتحدة” وكانت “جزءاً من مجموعة أخرى من الألواح المسمارية ملكية سيد من لندن قبل العام 1992″، بأن مؤسسته “تدرك بأن مشكلة القطع المهربة أمر واقع لكننا نبذل الكثير من المال والجهد لاستبعاد تلك الاحتمالات”.
لكن الأمر صعب، فأعداد لا تحصى من القطع هرّبت من آلاف المواقع الأثرية غير المحمية بما يكفي في بلد عانى عقوداً من الحصار والحروب ويواجه تحديات الفساد وهيمنة مجموعات مسلحة، فيما “لا توجد إحصائية بعدد الآثار المهربة” من العراق، بحسب مدير هيئة الآثار والتراث العراقية ليث مجيد كون “التهريب لا يشمل فقط القطع التي سرقت من المتاحف بل من النبش العشوائي للمواقع الأثرية”.
ويقع خط التهريب البارز الآخر عبر الصحراء الشاسعة إلى الحدود مع الأردن، بحسب الخبير العراقي، فضلاً عن الحدود مع تركيا، وسوريا لكن بدرجة أقل و”هكذا ينتهي المطاف بآثارنا على مواقع مثل إي باي ومزاد على الويب ومتاحف أو عند هواة جمع تحف وأثرياء” أو في جامعات ومعاهد للأبحاث.
تحتوي المواقع الأثرية البعيدة على قطع صغيرة لكن ربما أيضاً على كنوز ثمينة مثل لوح “حلم غلغامش” الذي سيعود قريباً إلى العراق.
أما تنظيم الدولة الإسلامية فقد دمر مواقع أثرية ذات أهمية كبرى في شمال البلاد مثل آثار نمرود “لكنه أيضاً نظّم التهريب بما يتيح له جمع الموارد، إنما طال ذلك الجانب السوري أكثر”، وفق الخبير الغربي.
تقدّر قيمة الإيرادات التي جمعها التنظيم من “التجارة بالآثار أو فرض ضرائب على مهربين في أراضٍ تحت سيطرته بعشرين مليون دولاراً من أصل إجمالي إيراداتهم المقدّر بـ2,3 إلى 2,68 مليار في 2015″، بحسب تقرير لمنظمة “غلوبال أنيشاتيف ضد الجريمة المنظمة” في 2020.
فيما يعمل العراق على استعادة آثار البلاد المنتشرة في العالم، كما الحال مع الـ17 ألف قطعة التي أعيدت من الولايات المتحدة مؤخراً، لكن ذلك الجهد لا يكفي كما يرى المصدر المقرب من الحكومة، الذي يرى أن الإشكالية “هي في دول الجوار” والمعبر، فيما “الدولة ضعيفة أصلاً ولا تشكل الآثار أولوية بالنسبة لها”.
المصدر: youm7