يقع “سيح الدير” الأثري في ولاية دبا بمحافظة مسندم وهو عبارة عن مقبرة أثرية تعود إلى العصر الحديدي (3001300 -قبل الميلاد)، حيث تم الكشف عن الموقع أثناء الحفر لأساسات لإقامة منشآت لنادي دبا الرياضي.
ويشتمل الموقع على عدة قبور أبرزها قبر مستطيل ذو زوايا بيضاوية الشكل يبلغ طوله 14.75 متر في حين يصل عرضه إلى 3.5 متر لتكون مساحته الإجمالية في حدود 49 مترا، وقد بُني هذا القبر بحجارة جُلِبت من الجبال المحيطة ومن الوادي القريب من الموقع.
وجاء أسلوب بناء هذه القبور الأثرية بالتصاميم المعروفة في حقبة أم النار (2400 – 2700) قبل الميلاد، وتمّ العثور داخل القبر على بقايا بشرية تعود لـ (188) هيكلا عظميا وما يقرب من 2000 قطعة أثرية من البرونز والحجر الصابوني كالخناجر والفؤوس والأساور ورؤوس السهام والميداليات.
ومن أبرز المُكتشفات الأثرية التي عُثر عليها: حجر لقلادة كُتب عليه بالكتابة المسمارية وهي أول كتابة يُعثر عليها في شبه الجزيرة العربية وشكل هذا الحجر على هيئة (العين) ونُقش عليها كلمة (دي . جو . لا) وهو اسم لإله الشفاء في بلاد الرافدين.
وموقع “سيح الدير” الأثري يعدُّ واحدا من أهم الاكتشافات الأثرية الحديثة المهمّة في السلطنة، والمُكتشفات الأثرية التي عُثر عليها في هذا الموقع تدل على مدى الثراء والعمق الحضاري لعُمان خلال نهاية العصر البرونزي والعصر الحديدي، كما أنّ لها دلالة على استمرار التواصل مع الحضارات المجاورة.
وهذا الاكتشاف يدل أيضا على الدور الذي قامت به حضارة مجان في الجانب التجاري مع بلاد الرافدين وكان لهذا التواصل الثقافي دوره في ذلك العصر حيث يُشير حجر العين إلى أنّ سكان أرض مجان كانوا يتقاسمون مع سكان بلاد ما بين النهرين الرموز الدينية والطلاسم.
وذكرت دائرة السياحة والتراث بمحافظة مسندم بأنه سيتم إنشاء مشروع مركز الزوّار بموقع “سيح الدير” الأثري في ولاية دبا للحفاظ على المقتنيات والأدوات الأثرية التي تمّ العثور عليها في بعض القبور الأثرية والتي يتجاوز عددها (2111) قطعة أثرية، فقد وقّع مكتب وزير الدولة ومحافظ مسندم و(أوكيو) – الشركة العالمية الرائدة في مجال الطاقة والبتروكيماويات – على مذكرة تعاون لتمويل إنشاء مجموعة من مشاريع الاستثمار الاجتماعي في محافظة مسندم وسيتم تشغيل الموقع سياحيا، حيث يحتوي على متحف للزوّار ويضمّ بعض المقتنيات والمُكتشفات الأثرية الخاصة بالموقع الأثري وبعض المرافق المساندة.