استطاع المصريون القدماء تحنيط الحيوانات سواء القطط أو القرود وأيضًا التماسيح، ويعتقد الخبراء أن ذلك ضمن الطقوس التي استخدمها المصريون القدماء لاسترضاء المعبود “سوبك” المرتبط بتماسيح النيل وكان “يصور إما على شكل تمساح أو إنسان برأس تمساح”.
ومؤخرًا قامت دراسة حديثة على مجموعة من التماسيح المحنطة يبلغ عددها 19 تمساحا محنطا وهم جزء من المجموعة المصرية في متحف Phoebe A Hearst للأنثروبولوجيا في جامعة كاليفورنيا في بيركلى، حيث تم العثور عليهم في أواخر القرن التاسع عشر، من قبل بعثة أجنبية في مدينة أم البريجات القديمة بمحافظة الفيوم.
وذكرت الدراسة أن البعثة وقتها كانوا أكثر اهتماما بدراسة المومياوات البشرية، لكن البعثة الاستكشافية عام 1899، بقيادة آرثر هانت وبرنارد جرينفيل، عثرت على مئات بقايا التماسيح المحنطة في أم البريجات، وبدلا من الابتهاج بالاكتشاف غير المتوقع، أصيبت البعثة بخيبة أمل من النتائج التي توصلت إليها آنذاك.
وأشارت ريتا لوكاريلى، أستاذة علم المصريات في جامعة كاليفورنيا في بيركلى، إلى أن الفريق كان محبطا للغاية للعثور على تماسيح محنطة بدلا من المومياوات البشرية، ولكن، عندما عثروا على ورق البردي محشوا داخل المومياوات بنص مكتوب عليه من قبل المصريين قبل آلاف السنين، أصبحوا مهتمين بما عثروا عليه، وبدلا من جمع الحيوانات المحنطة، بدأوا في فتحها وإزالة أوراق البردي والتخلص من التماسيح.
وأكدت الدراسة أن التماسيح كانت رمزا قويا للديانة المصرية القديمة، وتمكن العلماء الآن من الحصول على فكرة جيدة إلى حد ما عن الدور الذي لعبته التماسيح في تاريخ مصر، ويرجع الفضل في ذلك جزئيا إلى الاكتشافات غير المتوقعة التي تمت قبل أكثر من 100 عام، حسب ما ذكر موقع روسيا اليوم، وأضافت الدراسة أن هناك أدلة حول كيفية عيش المصريين القدماء يوميا وإلى أي مدى بالغوا في إرضاء التماسيح، على أمل أن يرتد تفانيهم نحوها ببعض حسن النية تجاههم.
ووفقا للبروفيسورة لوكاريلى، كانت التماسيح الكامنة على طول ضفاف نهر النيل تمثل خطرا دائما على سكان مصر، وكان التمساح حيوانا قويًا جدًا، يمكن أن يعيش على الأرض وفى الماء، ويمكن أن يهاجم بسرعة كبيرة، فالتماسيح الذكور ضخمة حقا، ويمكن أن يصل طولها إلى ستة أمتار، وبسبب مكانتها، كانت التماسيح تقدم في كثير من الأحيان كقرابين لآلهة المصريين، وكان تقديم القرابين وسيلة لاحترام الطابع العدواني لهذه الحيوانات، وظهر معبود واحد على وجه الخصوص هو “سوبك” الذي كان يعتقد أنه يتحكم في فيضانات النيل الموسمية.
وأضافت كانت التماسيح تتكاثر بشكل كبير، لذا أصبحت أيضا رمزا للخصوبة، ويقوم الكهنة المصريون بتحنيط هذه الوحوش، وتغليفها بعناية في نفس لفائف الكتان المستخدمة للبشر، وللحفاظ على شكلها عند الموت، كانت التماسيح محشوة بنفايات ورق البردي التي سبق كتابتها.
وهذه البرديات، وفقا لأندرو هوجان من مركز برديات أم البريجات في مكتبة بانكروفت في بيركلى، تكشف عن تفاصيل مذهلة عن شعب مصر، وبعض هذه النصوص تشمل الأعمال الأدبية وكذلك الوثائق اليومية، مثل الرسائل والوصايا والعرائض والعقود. وهذا وفقا للخبير، يساعد على الوصول إلى “الغالبية العظمى من التجربة الحية لمعظم الناس في العالم القديم”.