كشفت دراسة حديثة قام بها عدد من الأثريين بجامعة دورهام في إنجلترا أن بعض المدن الأولى في العالم تدمرت بشكل كامل منذ 4000 عام بعد أن تعرضت لمزيج قوى من تغير المناخ وزيادة التعداد السكاني بشكل كبير، بعدما أدت هذه الظروف إلى عدم تمكن مواطني المستوطنات من زراعة الغذاء بسبب انخفاض هطول الأمطار بنسبة تصل إلى 50%، إلى جانب تعرض المدن في منطقة بلاد ما بين النهرين القديمة، للانخفاض الشديد في درجات الحرارة.
وكتب الباحثون في دورية PLOS One أن سكان ما يعرف باسم بلاد ما بين النهرين أو بلاد الرافدين، أُجبروا إما على ترك منازلهم أو الموت جوعا، وأشارت الدراسات السابقة التي أجريت على المدن التي انهارت في نحو عام 2100 قبل الميلاد، إلى أن تغيرًا موثقا جيدا في المناخ هو المسئول بالكامل عن سقوطها.
ويقول دان لورانس، المؤلف الرئيسي للدراسة الجديدة والأستاذ المشارك في علم آثار الشرق القريب في جامعة دورهام، إنه، خلاف ذلك، كانت المدن غير مستدامة في حد ذاتها، وربما دفعها المناخ إلى الهاوية، لكنها كانت تترنح بالفعل على الحافة، ومن المحتمل أن يكون هذا نذير شؤم للبشرية اليوم لأننا نواجه أزمة مناخ عالمية وزيادة سريعة في عدد السكان في جميع أنحاء العالم.
وتابع وفى عام 2600 قبل الميلاد، كانت الحياة هادئة للغاية فى بلاد ما بين النهرين، وكانت المنطقة على وشك طفرة اقتصادية ستشهد ازدهار مدنها، وتباهت المدن الكبرى بالعديد من سمات مدن اليوم، مثل الشوارع المزدحمة والمتاجر والمعابد، وقام المواطنون بطهي البذور والحبوب على النيران المكشوفة، والتي لا تزال بقاياها المتفحمة مدفونة في المواقع الأثرية في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
ومن خلال عمل الباحثين فى جامعة لودفيج ماكسيميليان فى ميونخ، قام “لورانس” بدمج بيانات من مسوحات أثرية متعددة تغطى 1500 مستوطنة، بما في ذلك 200 مدينة، تتراوح بين 4000 و1000 قبل الميلاد، وافترض الفريق أن الفترات الزمنية مع المزيد من المستوطنات كانت أكثر كثافة سكانية، وبالمثل، يفترض أن المواقع التي تحتوى على عدد أكبر من الأشياء المؤرخة بالكربون كانت موطنا لعدد أكبر من الأشخاص مقارنة بتلك التي تحتوى على عدد أقل من القطع الأثرية.
المصدر : PLOS One