يعمل المتحف المصري الكبير خلال الوقت الحالي على تثبيت تمثال الملك سنوسرت الأول على الدرج العظيم، في مكان عرضه النهائي داخل بهو المتحف الكبير، الذي ينتظر العالم افتتاحه، حيث سيضم ما يتجاوز الـ 50 ألف قطعة أثرية، فما هي حكاية الملك الفرعوني سنوسرت الأول؟
حكم سنوسرت الأول بعدما بلغه اغتيال والده الملك أمنمحات الأول، حيث كان وقتها وليا للعهد وكان في حملة عسكرية، وكما تذكر قصة سنوهى أن أمنمحات الأول أرسل جيشًا إلى أرض التحمو، تحت رئاسة ابنه سنوسرت الأول الذي ذهب للسيطرة على البلاد الأجنبية وأسر سكان التمحو، وأثناء عودة الأمير ومعه الآلاف من الأسرى وكل أنواع الماشية بأعداد لا حصر لها من تلك البلاد، تم إرسال عدد من رجال القصر الملكي المخلصين إلى الأمير سنوسرت الأول لإخباره بما حدث.
ويقول كتاب “الفراعنة المحاربون.. دبلوماسيون وعسكريون”، للدكتور حسين عبد البصير، كان أمنمحات الأول عسكريًا ذكيًا للغاية، يجيد قراءة الأحداث والتنبؤ بالمستقبل، فأشرك ابنه وولى عهده سنوسرت معه فئ الحكم في العام العشرين من حكمه، وكانت هذه من أوائل حالات الاشتراك في الحكم في مصر الفرعونية.
وكان سنوسرت الأول من أقوى فراعنة الأسرة الثانية عشرة، وواصل سياسة والده وطبق نصائحه في تعاليمه له، فقام بالتوسع في بلاد النوبة بشكل كبير، وقام بحملتين عسكريتين في العامين العاشر والثامن عشر من حكمه، وحدد حدود مصر الجنوبية الرسمية بالقرب من الجندل الثاني وأقام هناك حامية عسكرية، ونصب لوحة تذكارية تمجد انتصاراته العسكرية هناك.
وأوضح الدكتور حسين عبد البصير، لم يكتف هذا الفرعون النشيط عسكريًا بهذا، بل قام بإرسال حملة عسكرية إلى الواحات الغربية، ونجح في بناء علاقات دبلوماسية وطيدة مع أمراء المدن السورية والكنعانية، وكما كان سنوسرت الأول ملكًا نشيطًا عسكريًا، كان ملكًا بناءً عظيمًا أيضًا، واستخدم القوة العسكرية من أجل تنفيذ برنامجه المعماري الضخم والطموح عبر الأرض المصرية، فنراه يرسل بعثات تعدينية تحرسها القوى العسكرية كي تجلب له المواد التي تحتاج إليها أبنيته المعمارية الضخمة.
واستطاع الملك سنوسرت الأول بناء العديد من المقاصير والمعابد عبر الأرض المصرية وبلاد النوبة، فبني معبد الإله آتوم في منطقة هليوبوليس، “عين شمس والمطرية في شرق القاهرة حاليًا”، والذي كان مركزًا أساسيًا لعبادة الشمس في مصر الفرعونية، وأقام في هذا المعبد مسلتين من الجرانيت الأحمر المجلوب من محاجر أسوان البعيدة، وما تزال مسلة واحدة منهما قائمة إلى الآن في مكانها، وذلك للاحتفال بالعيد الثلاثيني لجلوسه على عرش مصر الأرض الطيبة، فضلاً عن بناء مقصورته البيضاء الشهيرة في معابد الكرنك في مدينة الأقصر لنفس الغرض.