أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، الإثنين، اكتشاف حطام سفينة حربية من العصر البطلمي، وبقايا منطقة جنائزية إغريقية تعود لبداية القرن الرابع قبل الميلاد.
وجرى اكتشاف حطام السفينة وبقاية المنطقة الجنائزية بواسطة بعثة أثرية مصرية فرنسية تابعة للمعهد الأوروبي للآثار الغارقة (IEASM)، العاملة بمدينة “هيراكليون” الغارقة بخليج أبي قير بمحافظة الإسكندرية، ثاني أكبر مدينة في مصر، بحسب بيان نشرته الوزارة عبر صفحتها على “فيسبوك”.
وقال الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر مصطفى وزيري، إن السفينة كان من المقرر لها أن ترسو في القناة التي كانت تتدفق على طول الوجة القبلي لمعبد آمون، ولكنها غرقت نتيجة انهيار المعبد وسقوط كتل ضخمة عليها خلال القرن الثاني قبل الميلاد، نتيجة وقوع زلزال مدمر.
وأشار وزيري، بحسب البيان، إلى أن سقوط تلك الكتل الحجرية بفعل الزلزال ساهم في الحفاظ على السفينة أسفل القناة العميقة المليئة الآن بحطام المعبد.
وأوضح رئيس قطاع الآثار المصرية أيمن عشماوي، أنه تم اكتشاف حطام تلك السفينة تحت نحو 5 أمتار من الطين الصلب الذي يمثل قاع البحر والممزوج بآثار المعبد، وذلك باستخدام أجهزة الحفائر تحت الماء مثل أجهزة “Sub-bottom profiler”.
وقال رئيس بعثة المعهد الأوروبي للآثار الغارقة فرانك جوديو، إن “اكتشاف السفن السريعة التي تعود لتلك الحقبة الزمنية لا يزال نادرًا للغاية، وأن السفن الإغريقية من هذا النوع كانت مجهولة تمامًا حتى اكتشاف السفينة بونيقية مارسالا (235 قبل الميلاد) وهي المثال الوحيد لدينا”.
وأضاف جوديو أن الدراسات الأولية تشير إلى أن السفينة كانت طويلة، حيث يبلغ طولها أكثر من 25 مترًا، وقد تم بناء البدن وفقًا للطراز الكلاسيكي الذي يعتمد على تقنية “الدسرة والنقرة”، ومع ذلك فإنها تحتوي على مميزات الطراز المصري القديم، وبالتالي فهي نوع مختلط من البناء.
وتتمتع السفينة بقاع مسطح وله عارضة مسطحة، وهو طراز مفيد للغاية للملاحة في نهر النيل وداخل الدلتا، وكانت ذات مجاديف مزودة بشراع كبير كما يتضح من شكل الصاري بالأبعاد الكبيرة، وفقًا للبيان.
وأوضح البيان أن بعض السمات النموذجية لبناء السفن في مصر القديمة، بالإضافة إلى أدلة إعادة استخدام الأخشاب، تشير إلى أن تلك السفينة قد بنيت في مصر.
ومن جانبه، قال رئيس الإدارة المركزية للآثار الغارقة بوزارة السياحة والآثار المصرية إيهاب فهمي، إن البعثة نجحت في العثور على بقايا منطقة جنائزية إغريقية تعود لبداية القرن الرابع قبل الميلاد، عند مدخل القناة الشمالي الشرقي للمدينة.
ويوضح هذا الاكتشاف وجود التجار اليونانيين الذين عاشوا في تلك المدينة، وتحكموا في مدخل مصر عند مصب الفرع الكانوبي لنهر النيل، حيث تم السماح لهم باستيطانها خلال العصر الفرعوني المتأخر، وأقاموا معابدهم الجنائزية بالقرب من المعبد الرئيسي للآلة آمون، وفقًا لما ذكره فهمي.
ونظرًا للكوارث الطبيعية تم تدمير المنطقة، واكتشاف بقاياها الأثرية بمعبد آمون، في حالة ممتازة في القناة العميقة أثناء الهبوط الأرضي الناجم عن ظاهرة هشاشة الأرض، بحسب ما قاله فهمي.
وتُعد تلك الآثار شاهدًا على ثراء معابد تلك المدينة الواقعة الآن تحت سطح البحر المتوسط على بعد 7 كيلومترات من شاطئ أبي قير، بحسب ما ذكره البيان.
وكانت مدينة هيراكليون على مدى قرون أكبر ميناء في مصر على البحر المتوسط، وذلك قبل تأسيس مدينة الإسكندرية بواسطة الإسكندر الأكبر في عام 331 قبل الميلاد.
ووقعت عدة زلازل تلتها موجات المد، تسببت في هشاشة الأرض وانهيار جزء من مساحته حوالي 110 كيلومترات مربعة من دلتا النيل، مع انهيار مدينتي هيراكليون وكانوب تحت سطح البحر.
وأعيد اكتشاف المدينتين بواسطة بعثة المعهد الأوربي للأثار الغارقة بالتعاون مع الإدارة المركزية للآثار الغارقة بوزارة السياحة والآثار المصرية، في الفترة بين عامي 1999 و2001.