أعلنت هيئة التراث في المملكة العربية السعودية عن اكتشافات أثرية حديثة شمال المملكة، تُظهر وجود دلائل لهجرات بشرية مبكرة من قارة أفريقيا إلى الجزيرة العربية بدأت قبل حوالي 400 ألف عام، وفقاً لما ذكره الموقع الرسمي لوكالة الأنباء السعودية “واس”
وتكرّرت الهجرات على مراحل زمنية متعددة لتكون “أطول سجل حضاري للوجود البشري المبكر في الجزيرة العربية”، بحسب ما أشارت إليه الوكالة.
ويؤكد ذلك الأهمية الحضارية للجزيرة العربية، والدور الذي ساهمت فيه الجماعات البشرية في عدد من التطورات الحضارية خارج قارة أفريقيا.
وتمكن الفريق البحثي من تحديد 5 موجات للهجرات البشرية إلى الجزيرة العربية من أفريقيا، والتي ارتبطت بتحسن الظروف المناخية، وانحسار الجفاف.
وأوضحت هيئة التراث أن البعثة السعودية الدولية، التي شارك فيها أخصائيون من هيئة التراث، ومعهد “ماكس بلانك” بألمانيا، وجامعة الملك سعود، وغيرها من الجامعات والمراكز العالمية عثرت على بقايا أدوات حجرية، وعظام حيوانية متحجرة ضمن طبقات البحيرات الجافة في صحراء النفود شمال غرب المملكة.
ونشرت مجلة “Nature” دراسة تتمحور حول تأريخ عدد من طبقات رواسب البحيرات القديمة في موقعي جبة وخل عميشان في النفود الكبير، والتي تُمثل فترات مطيرة مرت بها الجزيرة العربية.
وتبيّن أن مراحل الوجود البشري المتعددة تميزت ببقايا أثرية تختلف سماتها وخصائصها في كل فترة من فتراتها، ويُشير ذلك إلى اختلاف هذه الجماعات عن بعضها البعض، وظهور صناعات حجرية جديدة تبعاً للفترة الزمنية.
وأظهرت الدراسة العلمية أيضاً وجود صناعات حجرية آشولية يعود عمرها إلى 200 ألف عام، وهي تُعد حديثة نسبياً عن مثيلاتها في جنوب غرب آسيا، ما يدل على الخصوصية الحضارية للجزيرة العربية، وتميزها بسمات ثقافية شكلتها الظروف البيئية، والثقافية السائدة آنذاك.
وترتبط تلك المواقع الأثرية بأنشطة صناعة الأدوات الحجرية بدلاً من كونها تُمثل مواقع معيشية لإقامة الجماعات البشرية.
وتضمنت الطبقة الأثرية المُبكرة في موقع خل عميشان، التي تعود إلى حوالي 400 ألف عام، فؤوساً آشولية تُعتبر أقدم البقايا الأثرية المؤرخة في الجزيرة العربية.
وبينت دراسة للبقايا العظمية الحيوانية وجود عظام لحيوان فرس النهر، وحيوانات أخرى من فصيلة البقريات على مدى فترات زمنية متعددة بشكلٍ يؤكد وجود بيئة غنية بالمسطحات المائية، والغطاء النباتي الكثيف في شمال الجزيرة العربية، وهو ما يتطابق إلى حد كبير مع الأحوال المناخية السائدة في شمال أفريقيا.
المصدر: arabic.cnn